بين كل فينة وأخرى تخرج علينا أخبار عن مقتل عشرات من المسلمين على أيدي البوذيين، أو تحريق منازلهم، مع خرب محلاتهم، ومحاصيلهم الزراعية، ثم يتبع هذه الأخبار – على قلتها وقلة صورها – سكوت عالمي، يشي برضا صناع القرار العالمي .
وما يثير التساؤلات بشكل كثير، أن هذا القتل الممنهج هو بقيادة الرهبان البوذيين، مما يعني أنه مشرع ومبارك دينيا، مما يعني أننا أمام ” إرهاب ديني بوذي”، يسعى إلى تطهير بورما من المسلمين، وطردهم إلى دول الجوار تحت مزاعم شتى، فمرة بسبب عرقهم، ومرة بسبب كونهم دخلاء على الأرض البورمية.
والإرهاب الديني، مصطلح كان يرعد أواصر الغرب، إذا كان منتميا إلى “الإسلامين”، أما أنه حاليا إرهاب ديني “بوذي”، وموجه ضد “المسلمين”، فهو لا يثير القلق العالمي، ولا منظمات حقوق الإنسان، التي تُعنى بالشأن الإنساني، ولا المنظومة الليبرالية التي تدعم الحرية والتعدد وتدعو إلى احترام الإنسان!!!
وتكرار حوادث إرهابية معنوية أو مادية ضد المسلمين تؤكد تغافل وتجاهل صناعة القرار العالمي عن هذه السلوكيات، بل ودعمها الخفي، فالرسوم المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام، إرهاب معنوي، لكنه قوبل بتأيد دولي بحجة “حرية الرأي ” المقدس في الغرب، ومنع المسلمات من ارتداء “النقاب” عمل مجرم في فرنسا، مع أنه تعد سافر على “الحرية الشخصية”!!
وهذه المؤشرات تؤشر على أن الإرهاب سياسة ثنائية المكيال، فهي محرمة ومجرمة عندما يقوم بها مسلمون – ولو كانت تحت بند الدفاع والمقاومة المشرعة دينيا ودوليا- وهي مباحة بل ومباركة عندما يقوم بها أي شخص، بشرط توجيه سلاحها ضد المسلمين أكثرية كانوا أم أقلية.
ومعاني السكوت العالمي عن تصرفات البوذيين تقرأ على أنها دفع إلى الأمام في عملية التطهير العرقي والإثني الذي تقوم به الجماعات البوذية، كما أنها تؤسس لاتجاه في أوربا – المتخوفة أصلا من زيادة عدد المسلمين- يؤيد العنف ويؤيد مثل هذه السلوكيات التي ما كانت لتشرع لولا أنها موجهة ضد المسلمين.
إن العنف شيء مرفوض دينيا، ولكنه مقبول سياسيا عندما يكون أداة لتحقيق الأجندات الدولية التي تخدم في النهاية القلة المتحكمة في الدنيا، وقبل أن نلوم هذه الأجندات، لا بد من لوم أنفسنا ولوم الدول الإسلامية التي لم تحرك ساكنا ولم تخرج حتى بيان استنكار أو إدانة – رغم أنه هذه الإدانات لا تفعل شيئا إن لم يكن معها تحرك سياسي أو دبلوماسي ينقذ المسلمين من مذبحة الإرهاب التي تستأصلهم، ويتهمون بها!