*بيان*
شكلت انتخابات ١ و١٥ سبتمبر التشريعية والجهوية والبلدية محطة هامة من محطات نضال الشعب الموريتاني أثبت فيها حرصه على التغيير ووقوفه مع المعارضة ومؤازرته لخطاب الإصلاح والتنمية.
لقد قررنا مع الطيف الأوسع من المعارضة المشاركة في هذه الانتخابات رغم أن مسار الإعداد لها كان مسارا أحاديا، ورغم أنها شهدت تزويرا هائلا للحقائق والنتائج الانتخابية قبل التصويت وبعده ورغم إقحام جهاز الدولة ورموزها في المنافسة بصفة غير دستورية لصالح الحزب الحاكم.
إن مشاركة حزب تواصل في هذه الانتخابات تنسجم مع رؤيته السياسية التي تجعل تطوير المرفق العام وخدمة الناس وإسماع صوت المواطنين والدفاع عن أهل المظالم والحقوق، أولويات ينبغي أن تظل موجهة ومحددة للموقف السياسي.
وقد أبانت انتخابات سبتمبر عن جملة مهمة من الحقائق :
- التفاف قطاعات واسعة من الشعب الموريتاني حول الحزب ومرشحيه وبرنامجه الانتخابي والسياسي.
- قدرة المعارضة الموريتانية على التأثير والنجاح الانتخابي حين تتوحد وتكثف جهودها.
- أن النتائج الانتخابية التي حققها هذا النظام ما كان ليحصل عليها لولا طبيعته الإقصائية التي تتعدى عدم استعداده لخلق جو من التكافئ في السباق الانتخابي، إلى الممارسات اللاشرعية من تزوير واستغلال نفوذ واستخدام للإدارة الإقليمية وغيرها من رموز ومقدرات الدولة.
لقد سجلنا في مرحلتي الحملة والاقتراع جملة من الخروقات توزعت بين:
1 - التلاعب باللوائح الانتخابية وتغيير مكاتب وأماكن التصويت للناخبين بشكل عشوائي.
2 - جلب ناخبين مستأجرين من الآفاق لفرض مرشحين خاسرين على السكان المحليين في عدد من البلديات والمقاطعات.
3 - تزوير النتائج وتغيير الأرقام في مراحل جمع المحاضر في فروع اللجنة "المستقلة" للانتخابات.
4 - طرد ممثلي المعارضة عامة وممثيلينا خاصة من لجان التصويت، والاعتداء عليهم.
5 - التدخل السافر للإدارة الإقليمية في عمل اللجان الفرعية "المستقلة".
6 - تسريب بطاقات التصويت وشراء الأصوات والتصويت الواسع بالوكالة وغيرها من الخروقات..
لقد تسببت حوادث واسعة من هذه الممارسات في قلب النتائج، كما حدث في لوائح النيابيات في مقاطعة كوبني وفِي كيهيدي وتمبدغه.. وفي نتائج المجلس الجهوي في نواكشوط وفي الحوض الغربي ونواذيبو وفِي لوائح بلدية دار النعيم وبلدية تنحماد وكوينيت وغيرهم.. أما أشد هذه الممارسات صفاقة ووضوحا فهو ما يجري في الميناء؛ حيث تم تزوير محضر المكتب رقم 25 الموقع ، وقلب نتائجه بشكل بدائي ومكشوف.
لقد تم رغم كل هذه الممارسات تحقيق نتائج جيدة، فقد أعطى المواطنون للحزب ولوائحه وللوائح المعارضة التي قادها أو تحالف معها، حضورا كبيرا، تراوح بين النجاح الباهر في الدوائر التي تم كسبها والحضور الكبير في البعض الآخر.
وقد شكلت خريطة تتائج الحزب صورة ذات دلالة مهمة، فتوزعت البلديات ومقاعد البرلمان بين شتى مناطق الوطن، وشملت القرى والحواضر، وأعطى الناخبون الرد الصحيح لمن حاولوا تشويه الحزب أو شيطنته.
لقد كسب الحزب ١٤ نائبا؛ مثلت الرتبة الثانية بعد نصيب الحزب الحاكم الذي استخدم الممنوع واللامشروع في هذا السباق الانتخابي اللامتكافئ.
كما حصل حزبنا على إدارة تسع بلديات؛ فيما وصل عدد مستشاري البلديات للحزب منفردا: 292 ووصل عددهم مع حلفائه من المعارضة : 448.
وكسب الحزب -بعد التزوير ضده- 31 مستشارا في المجالس الجهوية؛ منفردا، و79 مستشارا مع حلفائه.
إننا - إذ نفخر الناخبين الذين انتزعوا هذه النتائج المشرفة من مخالب التزوير هذه النتائج- لنؤكد الآتي:
أولا: يشكر حزب "تواصل" الشعب الموريتاني على الثقة التي منحنه إياها في هذه الانتخابات، وبحول الله سيظل حزب تواصل صوتاً صريحا في البرلمان للدفاع عن المستضعفين والمهمشين ومحاسبة المفسدين.
ثانيا: إن غياب منتخبين سابقين من حزب تواصل عن البرلمان لن يجعلهم يتخلون عن مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية تجاه الشعب الموريتاني وتجاه دوائرهم الانتخابية.
ثالثا: إن حزب "تواصل" هو حزب وطني، موريتاني الفكر والتصور والانتماء والأهداف، وقد عبّر الشعب الموريتانية عن ذلك في هذه الانتخابات؛ بالتفافه الكبير حول مشروع الإصلاح والتنمية الذي نحمله.
رابعا: إن الهجوم المتكرر لرئيس الجمهورية على الحزب قبل الحملة وأثناءها وبعدها لا يعبّر إلا عن حالة القلق قبل الانتخابات وحالة الصدمة بعدها، كما أن استحقاق انتخابات 2019 الرئاسية يلقي بظلاله على مختلف تصرفات النظام وتصريحاته. ومها يكن فإن حزب "تواصل" لا يحتاج - بعد حقائق الواقع والتجربة - إلى مزيد من التزكية في اعتدال نهجه ووطنية مشروعه.
حامسا: إن أخطر ما يمكن استيراده لموريتانيا وشعبها من الأفكار هو العقليات الاستبداية والحلول الإقصائية في التعاطي مع المعارضة الوطنية، وقد رأى العالم أن حكم الاستبداد والانقلاب وطغيان السلطوية هو السبب الأول لدمار الدول قديما وحديثا.
سادسا: ندعو المعارضة بكل أطيافها وأحزابها وكافة الوطنيين في البلد إلى البدء فورا ودون تأخير في التشاور والتنسيق من أجل بناء موقف موحد ورؤية مشتركة لصالح ترسيخ الديمقراطية في موريتانيا ومنع التعدي على الدستور وضمان التناوب السلمي على السلطة.
والله من وراء القصد .. وهو الهادي إلى سواء السبيل