بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين.
(إنّ الله يأمركُم أن تؤدُّوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أنْ تحكموا بالعدل
إن الله نعمّا يعظُكم به إنّ اللهَ كان سميعاً بصيراً).
السيد زعيم المعارضة الديمقراطية
السيد رئيس المنتدى الوطني للديمقراطية و الوحدة
السادة قادة مجموعة الثمانية
السادة رؤساء الأحزاب والشخصيات المستقلة،
السادة رؤساء النقابات و منظمات المجتمع المدني
السادة الصحفيون والإعلاميون المحترمون،
السيد رئيس مجلس الشورى الوطني،
السادة أعضاء الهيئات القيادية في الحزب،
السادة أعضاء اللجان التحضيرية للمؤتمر
مناضلو ومناضلات التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"،
جمهورنا الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته،،،
بعد الشكر المستحق لكم على الحضور وتلبية الدعوة ، أرحب بكم جميعا في حضنكم "تواصل" بين إخوانكم وأخواتكم الذين يقدرون لكم حسن التجاوب ويٌكبِرون فيكم روح التعاون، فمرحبا بكم، و أهلا و سهلا،
السادة الحضور،
ألتقي بكم اليوم بعد الاستلام الرسمي للمهام التي أوكلت إلي بموجب التكليف الذي شرفني به إخوتي وأخواتي في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" وهي فرصة لأعبر عن شكري وامتناني للأخوة في تواصل أولا: على الثقة التي منحوني وثانيا على الأداء المميز طيلة أشغال المؤتمر، و الشكر موصول لكل ألوان الطيف السياسي في البلد وكل أبناء الوطن في الداخل والخارج على تفاعلهم الحي وتعاطيهم الملاحظ مع "تواصل" ومؤتمره الثالث بغض النظر عن الموقع والموقف، فلهم منا جزيل الشكر وعظيم الامتنان.
ثم شكر خاص للأخ الرئيس محمد جميل ولد منصور على جهوده التأسيسية الرائعة وانجازاته الكبيرة وأدائه المتميز الذي أعطى للحزب المكانة والموقع الذي يتبوؤه في الساحة السياسية اليوم،
والشكر كذلك لكافة أعضاء الهيئات القيادية وعلى رأسها الدكتور الصوفي ولد الشيباني رئيس مجلس الشورى و الأمين العام المهندس حمدي ولد إبراهيم ورئيسة المنظمة النسائية النائب توت بنت الطالب النافع ورئيس المنظمة الشبابية الأستاذ يحيى ولد أبوبكر. واللجان التحضيرية للمؤتمر و على رأسها المهندس احمدو ولد امباله.
أيها السادة ،أيتها السيدات
أسدل الستار قبل أزيد من أسبوعين على فعاليات المؤتمر الوطني العادي الثالث للتجمع الوطني للإصلاح والتنمية المنظم تحت شعار" شركاء في تكريس التناوب" والذي مثل محطة بارزة وعلامة فارقة في مسيرة الحزب و مساره؛ سواء من حيث إنضاج الرؤى والبرامج أو تحقيق التداول و التناوب القيادي أو تعزيز البناء المؤسسي و التنظيمي، وهي أمور نعتقد في "تواصل" أنها مرتكزات العمل الحزبي الجاد وعناصر القوة التي تضمن له النجاح و الريادة.
حضورنا الكريم،
لقد كان من نتائج هذا المؤتمر صدور ثلاث وثائق حاكمة تعكس تمسك الحزب بأهدافه وقيمه ومبادئه، وتُفصح عن منطلقات ومرتكزات رؤيته، و عن معالم سياساته العامة وأسس اختياراته السياسية؛ عضا بالنواجذ على المرجعية الإسلامية، وتجديد عهد بالانتماء الوطني، والخيار الديمقراطي، وإعلان عزم على تحقيق العدل والأخوة ومحاربة العبودية والعنصرية والطبقية،
الوثيقة الأولى: تمثلت في الرؤية المرجعية للحزب التي تحدد المنطلقات والمعالم في التصور والممارسة، و الإطار الناظم في المنطلقات والمواقف، والموجه المرشد للخط الفكري والاختيارات.
أما الوثيقة الثانية فهي وثيقة النظام الأساسي للحزب التي خضعت للتحديث والمراجعة وحددت المبادئ و الأهداف التي يقوم عليها الحزب والهياكل والهيئات وصلاحياتها إلى غير ذلك من متطلبات البناء المؤسسي والتنظيمي الذي من شأنه تعزيز أداء الحزب وتطويره.
أما الوثيقة الثالثة فتتمثل في إعلان السياسة العامة للحزب التي تترجم أهدافه وتوجهاته واختياراته وأولوياته في المرحلة القادمة .
السادة الحضور،
إننا في تواصل وبعد وقفة تقويم وتمحيص لمسيرة الحزب خلال عشريته الأولى و سعيا إلى تحقيق المشروع الذي نريد لهذا البلد وأهله ، نعلن عن توجهاتنا الكبرى وخيارتنا الأساسية في المرحلة القادمة من خلال العناوين التالية:
تعزيز المرجعية الإسلامية: التي نعني بها التمسك بالإسلام بشموليته و وسطيته واعتداله مجسدا في مصادره الأساسية، دينا وهوية ومرجعية، وضوحا في النَسب الفكري للحزب و تأكيدا على اختيار وطني ضَمَّنه الناس في الدستور وحماية لهذا الاختيار واستعدادا للدفاع عنه على مختلف الجبهات .
ويترتب على ذلك،السعي عمليا، بعد أن تقرر ذلك دستوريا لجعل الإسلام بثوابته وأحكامه القاعدة المؤسسة للقوانين والحياة العامة،وترسيخ القيم والثقافة الإسلامية والتمكين للدعوة ومؤسساتها باعتبار ذلك صمام أمان المجتمع وضمان وحدته وتماسكه.
الانتماء الوطني:وهو عندنا فوق كل اعتبار و نعني به التشبث بموريتانيا و الذب عن حماها والمحافظة على وحدة أهلها وتقديم مصلحتها على ما سواها والعمل على رقي اقتصادها وتنميتها، وحماية حوزتها الترابية والمحافظة على استقرارها وتعزيز استقلالها ومكانتها في العالم والجوار من حولها.
و نعتبر تنوع سكان هذه البلاد عامل قوة ونعتقد أن تحقيق الأخوة الإسلامية والوحدة الوطنية بين مكونات شعبنا أولوية الأولويات وندرك أن تحقيق ذلك يتطلب التعارف والاعتراف ويتعزز بالمساواة في الفرص والحقوق والواجبات ويصان برفع المظالم ودفعها، و رفض العنصرية و الطبقية والاستعلاء والتهميش خطابا و ممارسة.
تحقيق الديمقراطية:ونحن في تواصل نعتبر الديمقراطية أفضل النظم البشرية المعاصرة وأنجعها في تحقيق الحرية والتداول السلمي على السلطة وهي التطبيق العملي لمبدإ الشورى في المجال السياسي. وانطلاقا من ذلك فإننا نسعى إلى ممارستها عمليا داخل مؤسساتنا الحزبية والالتزام بنتائجها في الشراكة السياسية والمشاركة الانتخابية، وهي بذلك عندنا خيار استراتيجي لا موقف تكتيكي تمليه مصالح آنية أو إكراهات عابرة.
ويتجسد تحقيق الديمقراطية في إنجاز إصلاح سياسي شامل ينتقل من ديمقراطية الشكل إلى ديمقراطية المضمون ويجعل الانتخابات تعبيرا حقيقيا عن المزاج الشعبي العام والإرادة الحرة للناخبين ويجعل الناس قادرين على التغيير من خلال صناديق الاقتراع وما يعنيه ذلك من دورية التناوب على السلطة والحكم. و حماية الحريات العامة والفردية وتكريس حرية الإعلام.
إصلاح يقوم على ترسيخ اللامركزية الحقيقية والفصل بين السلطات وإعطاء دور أكبر للبرلمان.
ونسجل هنا بكل أسف التراجع الخطير للحريات السياسية والإعلامية في البلد في الآونة الأخيرة ونطالب بالإطلاق الفوري لجميع معتقلي الرأي والمتابعين وعلى رأسهم الشيخ محمد ولد غده.
الحرية: فنحن في تواصل ننطلق من تشوف الإسلام للحرية وتنسمه للانعتاق والكرامة الإنسانية إذ اعتبر الحرية في أعمق معانيها مرادفة للحياة، (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة)، "فالذي يخرج نفسا مؤمنة بالخطأ من جملة الأحياء يَلزمه أن يدخل نفسا مثلها في جملة الأحرار لأن إطلاقها من قيد الرق كإحيائها". لذا تَصدر الإسلام معركة التحرير في العالم، و نجح في تحقيقها على أكمل وجه من غير أن يُعرِض الحياة الاجتماعية والاقتصادية لهزات عنيفة قد تعود بنتائج عكسية.
من هذه الأرضية ننطلق في موقفنا من الممارسات الاسترقاقية الظالمة التي عمت مختلف مكونات مجتمعنا، وهو الموقف المؤسس على رؤية إسلامية أصيلة وعلى ماضي الاسترقاق في هذه البلاد الذي خالف الشرع في مصادره و ممارساته.وهو ما يفرض محاربة كل أشكاله ومعالجة آثاره بأرفق الوسائل وأيسر الطرق.
العدل: وهو أساس الحكم المستقيم؛ فأمة لا يُقدس فيها الحق ولا يُحترم فيها الواجب ولا يحكم فيها بالعدل ولا يُنصف فيها المظلوم؛ هي أمة مهددة في وجودها.
المشاركة السياسية: وهي عندنا خيار يراهن على التراكم وعلى تنمية الوعي بالحقوق والنضال من أجلها باعتبار ذلك البوابة الفعلية للتغيير والعمل السياسي الجاد.
وفي هذا السياق نؤمن بالتعاون مع كافة شركاء الوطن - بغض النظر عن الموقف والموقع – و نسعى للمحافظة على جسور التواصل معهم ما وسعنا ذلك، ويبقى تفعيل وتطوير العلاقة مع هذا الفريق أو ذاك رهين تقدير مرحلي خاضع بكل تأكيد لما يخدم مصلحة البلد و يحقق برنامج الحزب و رؤيته.
التنمية المتوازنه: أما في المجال الاقتصادي فإننا في التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) نعتقد أن تحقيق التنمية المتوازنة والإقلاع الاقتصادي الذي يؤسس لمجتمع الرفاه مرهون بانبثاق السياسة الاقتصادية الوطنية من مفاهيم الإسلام وتصوراته في هذا المجال،حيث وضع أسس ومبادئ نظام اقتصادي شامل ومنضبط ومتوازن ينظر إلى جميع الجوانب الإنسانية ويأخذ بعين الاعتبار كافة الحاجات البشرية اقتصادية كانت أم اجتماعية في إطار تنموي شمولي وسيلته وغايته في آن هو الإنسان نفسه.
من هذا المنطلق نسعى إلى تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومتكاملة ومتوازنة تقوم على توفير الخدمات الأساسية و تسريع وتيرة النمو الشامل والنهوض بالاستثمار وتوسيع القاعدة الإنتاجية الوطنية وترقية الموارد البشرية وحل مشكلة البطالة ومحاربة الفقر.
ونحن في تواصل مُنشغلون هذه الأيام بأوضاع الناس الصعبة وظروفهم المعيشية التي زاد من حدتها تأثيرات الجفاف و ارتفاع الأسعار، وهو ما يفرض على الحكومة وضع خطة تدخل سريع وناجع لإنقاذ الساكنة وحماية الثروة الحيوانية.
وحدة الأمة والدفاع عن قضاياها:
ونحن في التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، نعتبر استعادة الأمة لوحدتها مطلبا أصيلا من مطالبنا ، وندعم كل القضايا العادلة في العالم ونرى أن ذلك من مقتضيات ومركزية العدل الذي هو منطلق أساسي من منطلقاتنا.
و نعتبر الإسهام في تحرير فلسطين من دنس الصهاينة الغاصبين من أهم أولوياتنا؛ فهي جزء لا يتجزأ من تشكيل وجدان كل مسلم و ذاكرته الجمعية.
وفي الوقت الذي نتحدث فيه تشهد أرجاء العالم الالكتروني حملة تضامن واسعة مع القدس تحت وسم#القدس توحدنا# فلنشارك فيه جميعا ولنبارك به انطلاقتنا.
حضورنا الكريم
هذه خياراتنا وتوجهاتنا الكبرى ومعالم المشروع الذي نريد له التمكين في هذه البلاد، وفي سبيل تحقيق هذا المشروع نمد اليد لشركاء الوطن عموما ولحلفائنا في المعارضة الديمقراطية الذين تجمعنا معهم وحدة الموقف والموقع على وجه الخصوص معلنين استمرارنا في الخط المعارض لسياسات النظام و اعتمادنا أسلوب النضال السلمي الجاد و المسؤول الذي يعطي الأولوية في هذه المرحلة لتحقيق الديمقراطية و إقامة العدل وتعزيز اللحمة الوطنية بين مختلف مكونات شعبنا الكريم.
ونعتبر أن بلدنا اليوم خصوصا بعد الاستفتاء الأحادي الذي رسَّخ الانقسام بين الطبقة السياسية وكرس الاستقطاب بين أطياف المجتمع بحاجة إلى تغليب منطق التوافق وتجاوز أساليب الأحادية و الإقصاء للخروج من هذه الأزمة وتفادي ما قد ينجر عنها من تداعيات .
أما على مستوى العمل الحزبي الداخلي فتتحدد التوجهات الكبرى وأولويات العمل في :
تعزيز المؤسسية وتكريس روح العمل الجماعي التضامني وتوزيع الأدوار مع الاحترام التام لصلاحيات الهيئات و المسؤولين.
تقوية البناء التنظيمي للحزب وهياكله القاعدية (الأقسام – الاتحاديات -الجاليات) وتدعيمها ومنحها العناية اللازمة والوسائل الممكنة في أفق سياسة الانفتاح على الداخل التي عبرت عنها مجالس الشورى الجهوية الجديدة.
التكوين المستمر لقيادات الحزب وأطره وتأهيلهم للقيام بالأدوار المنوطة بهم على أكمل وجه.
تعزيز الانسجام والتماسك داخل هيئات الحزب ومعالجة الإشكالات العارضة وتفعيل دور الهيئات المختصة بهذا المجال.
تعزيز دور منظمتي النساء والشباب المحوريتين بحكم أهمية مكونتي النساء والشباب في الحزب وتوفير الدعم اللازم لأداء مهامهما على الوجه الأكمل.
ترشيد موارد الحزب والتسيير الأمثل لإمكاناته في المجالات ذات الأولوية حسب الخطة المعتمدة.
احترام مواعيد وآجال اجتماع الهيئات وانضباطها ومتابعة تنفبذ قراراتها.
المواكبة الدائمة للعمل الإداري الحزبي وتحسين أدائه.
(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.