قال زعيم المعارضة الديمقراطية الاستاذ الحسن ولد محمد إن البلد يعيش أزمة بسبب محاولة النظام فرض التعديلات الدستورية بطريقة انقلابية وتعسفية من خلال المادة (38)، و أوضح الزعيم في مقابلة مع صحيفة القلم الناطقة بالفرنسية أن استحقاق 2019 و الذي ينبغي أن يكون فرصة للتناوب السلمي، وفرصة للانتقال السلس من النظام الأحادي إلى النظام الديمقراطي يحتاج لانفراج الأزمة، ويتطلب أيضا من المعارضة ـ وهذه دعوة صريحة للمعارضة ـ أن تعمل عملا جادا وموحدا يفرض التغيير ويحقق التناوب السلمي على السلطة.
و فيما يلي نص المقابلة:
السؤال الأول: تابعتم كبعض الموريتانيين المؤتمر الصحفي الأخير لولد عبد العزيز ما هو الانطباع الذي خرجتم به؟
زعيم المعارضة: المؤتمر الصحفي من وجهة نظري لم يأت بجديد وفيه تجني على الدستور وتطاول على المؤسسة العسكرية والصحافة والشعراء وغيرهم .. وفيه ادعاء لما لم يحصل في شأن العلاقة مع الآخر وفيه تجاهل للأزمة التي يعيشها البلد.
السؤال الثاني: الرئيس مصر علي تعديل الدستور عن طريق الاستفتاء هل أنتم مقتنعون بالحجة القانونية التي يستند عليها الرئيس؟
زعيم المعارضة: الاستفتاء الذي تحدث عنه الرئيس مرفوض شكلا ومضمونا ،شكلا لأنه جاء بطريقة غير دستورية ولأنه كان أحاديا، و مضمونا لأنه لا يشمل إصلاحات ذات أولوية ويعتبر تراجعا عن المستوى الذي وصلنا إليه من الديمقراطية سواء ما تعلق بإلغاء محكمة العدل السامية أو تكريس صلاحيات الرئيس على حساب الجمعية الوطنية و إلغاء مجلس الشيوخ، وما تضمنه من تغيير لرموز وطنية هامة كالعلم والنشيد الوطنيين.
السؤال الثالث: ألا تعتقدون أن هذا الأمر سيزيد الوضع ؟
زعيم المعارضة: الرئيس الحالي منذ وصوله للسلطة والبلد يعيش أزمة سياسية قضى فيها مأموريته الأولى والآن تنتصف مأموريته الثانية، وما يقوم به النظام من حوار أحادي وسعي لتغيير الدستور إنما هو تكريس للأزمة السياسية.
السؤال الرابع: المعارضة الراديكالية ثمنت دور الشيوخ في إسقاط التعديلات، كيف ترون هذه الخطوة ؟
زعيم المعارضة: أتحفظ على وصف "المعارضة الراديكالية " ، فهي معارضة جادة أو ناصعة، ترفض المسار الحالي وتعارضه، وكل خطوة تحقق وتدعم هذا الرفض هي خطوة مرحب بها من طرف المعارضة ، و خاصة إذا كانت من جهة محسوبة على السلطة كما هو الحال برفض مجلس الشيوخ الذين كان تصويتهم إنحيازا لوطنيتهم ولمكانة الشيوخ الحقيقية، وقد حصلت لديهم قناعة كما عند أغلب الجماهير والقوى المعارضة والمجتمع المدني وحتى لدى كثيرين داخل الأغلبية لا يستطيعون التعبير عنها، بأن هذه التعديلات خطأ وخطر ولذلك رفضوها، وهذا الرفض حظي بترحيب كبير داخل المعارضة ونحن من بينها.
السؤال الخامس: كيف تردون علي حديث الرئيس أنه ليس بإمكان أي كان أن يملي عليه طريقة إدارة الحوار رغم دعوات الاتحاد الأوروبي و الأمم المتحدة؟
زعيم المعارضة: هذا هو منطق الرئيس ولد عبد العزيز، لا يلقي بالا لرأي الشعب الموريتاني ولا لاحترام الدستور ولا للعلاقة مع دول الجوار ولا بالشركاء الدوليين ويعتبر نفسه في جزيرة معزولة يتصرف حسب مزاجه وهواه، وهذا ليس دليل حكمة، لأن الدول تحكمها مؤسسات ومصالح وعلاقات، والعقلاء هم الذين يقدرون ذلك ويضعونه في الحسبان. ومع ذلك فقد أثبتت التجارب والوقائع أن أغلب هذه التصريحات إنما هي شعارات ودعايات للتغطية على الفشل والتعثر في الداخل.
السؤال السادس: في حالة تنظيم انتخابات سابقة لأوانها بلدية و تشريعية هل ترون أن المعارضة عليها المشاركة بغض النظر من عدم وجود تفاهمات مع السلطة؟
زعيم المعارضة: المعارضة الآن معركتها هي تحقيق الديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان، هي معركة الحفاظ على الدستور ومنع التغييرات الغير دستورية، أولويتها هي الانشغال بهموم المواطنين ومعاناتهم المتفاقمة وفي مختلف المجالات، أما فيما يتعلق بالاستحقاقات القادمة فأعتبر أن الموقف منها سابق لأوانه، والفكرة العامة هي أن الأصل هو مشاركة الجميع عندما تكون الاستحقاقات توافقية وفي ظرف طبيعي، وعندما تكون الظروف غير مواتية، تكون مثار خلاف ومثار تقديرات واجتهادات، البعض يعتبر المشاركة فيها أفضل من غيرها ولكن الموضوع ـ حتى الآن ـ سابق لأوانه.
السؤال السابع: العديد من المراقبين يرون أن حزبكم "تواصل" سيشارك من جديد دون التقيد بقرار المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، كيف تجيبون؟
زعيم المعارضة: هي نفس إجابتي على السؤال السادس..
صحيح بأن طبيعة حزب "تواصل" وقناعته بالعمل التراكمي و بمحاولة التغيير من داخل المؤسسات والبعد عن سياسة المقعد الشاغر.. كلها اعتبارات تؤثر فعلا على مواقف الحزب، لكن الحديث الجازم بأنه سيشارك وبأنه سيشارك منفردا يبقى سابقا لأوانه، لأنه ليس محل نقاش داخل الحزب ولا حتى داخل المنتدى.
السؤال الثامن: مؤسسة المعارضة لم تدع للحوار، لماذا هذا الأمر؛ ثم كيف تسير المؤسسة و ما هي إمكانياتها؟
زعيم المعارضة: صحيح رغم أن قانون المؤسسة يفرض على الحكومة التشاور معها في كل القضايا الكبرى ويفرض حدا أدنى لهذا التشاور باجتماع لرئيس الجمهورية والوزير الأول كل على حدة مع الزعيم الرئيس للمعارضة ومجلس إشراف مؤسسة المعارضة، في أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر، ويفرض المشورة والحوار وهو الهدف الرئيسي من إنشاء المؤسسة، إلا أن السلطة تضرب بكل هذه القوانين عرض الحائط وترفض لقاءات زعيم المعارضة ومجلس الإشراف ولا تستشيرها في أمر ولم تتم دعوتها لهذا الحوار ولا للحوارات السابقة، وهذا مظهر من مظاهر عدم المبالاة بالقوانين وعد احترام المؤسسات والقفز على النصوص وهو شيء يؤسف له، وإن كان ليس غريبا على هذا النظام الذي يتبجح بقدرته على الانقلابات وعلى تجاوز الدساتير والقوانين، ونحن في المؤسسة عبرنا عن رفضنا لهذا الأسلوب أكثر من مرة وبأكثر من صيغة، ولازلنا نعبر عن ذلك ونعتبر المؤسسة مهمة وضرورية لبناء الديمقراطية الناشئة في بلدنا، ولكن سياسة النظام تبدو عكس ذلك من خلال محاصرة المؤسسة ماليا ومحاصرتها معنويا بعدم إشراكها ورفض اللقاء بها وعدم التشاور معها.
السؤال التاسع: دعوتم للحوار و التقيتم الرئيس حتى في هذا الأمر؟ما هو الدور الذي يمكن أن تقوموا به كمؤسسة؟
زعيم المعارضة: نحن في مؤسسة المعارضة مقتنعون بأن المخرج الوحيد من الأزمة هو الحوار، ولذلك دعونا له في أكثر من مناسبة ومازلنا ندعو، وأوظف هذه الفرصة للدعوة له من جديد ، فلا بد من حوار شامل وهادئ وصادق يخرج البلد من أزماته المتعددة، أزماته الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية ، ويكون بداية للانتقال من مرحلة دولة الفرد وسلطة الفرد، إلى دولة المؤسسات ومن امتيازات المجموعة ومصالحها الخاصة، إلى التوزيع العادل و تكافؤ الفرص بين مختلف مكونات المجتمع، مع إعطاء الأولوية للفئات الأكثر هشاشة، والانتقال من دولة المزاج إلى دولة القانون وتحكيم الدستور.. ولن يتأتى هذا الانتقال إلا من خلال حوار هادئ وشامل ، تقدم فيه السلطة تنازلاتها بالتخلي عن الطريقة التي تسير بها البلد وتقدم فيه المعارضة والمجتمع المدني الأفكار المناسبة للخروج من الأزمة ولبداية مرحلة جديدة.
السؤال العاشر: بعد رفض الرئيس لدعوة الحوار التي وجهتها المعارضة الراديكالية؛ كيف ترون مستقبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؟
زعيم المعارضة: الحديث عن استحقاق قادم هو سابق لأوانه ما لم نخرج من الأزمة وما لم يكن هنالك برنامج توافقي، والاستحقاق المطروح حاليا والذي تسعى السلطة لفرضه هو موضوع الاستفتاء، فهذا الاستفتاء لو جرى بطريقة قانونية من خلال الفصل الحادي عشر و عن طريق المادة(99) ، لكان بالإمكان أن يكون للمعارضة مشاركة فيه، واستغلال لرفض الشعب لهذه التعديلات والعمل على إسقاطها، أما إذا كان النظام سيصر على فرضه بطريقة انقلابية وتعسفية من خلال المادة (38)، فليس أمام المعارضة أكثر من توعية الشعب بالأمر والمقاومة السلمية له، أما ما بعد ذلك من استحقاقات رغم أهميتها خاصة استحقاق 2019 و الذي ينبغي أن يكون فرصة للتناوب السلمي، وفرصة للانتقال السلس من النظام الأحادي إلى النظام الديمقراطي، فهذا يحتاج لانفراج الأزمة، ويتطلب أيضا من المعارضة ـ وهذه دعوة صريحة للمعارضة ـ أن تعمل عملا جادا وموحدا يفرض التغيير ويحقق التناوب السلمي على السلطة.
السؤال الحادي عشر: كيف تقيمون مستوي خطاب نواب المعارضة و السلطة أثناء جلسات البرلمان الأخيرة؟
زعيم المعارضة: لا شك أن نواب المعارضة وشيوخها أبلوا بلاء حسنا، خاصة في المعركة الأخيرة ضد التعديلات الدستورية، فقد كان أداؤهم أفضل وأكثر تأثيرا، أما نواب الأغلبية وشيوخها فهم عادة وفي مثل هذه المناسبات ـ ومنذ نشأة الديمقراطية ـ يركزون على الدعاية للشخص والفرد وما يدعيه من إنجازات دون الاهتمام بالقضايا الأساسية للمواطن وللبلد ولديمقراطيته .