الانتخابات الرئاسية والتي من المنتظر أن تجري، الأحد المقبل، في أفريقيا الوسطى، تدخل التاريخ المعاصر كسابقة هي الأولى من نوعها بالنسبة لبلد يتأهّب لتنظيم أوّل اقتراع بدون مشاركة رئيس منتهية ولايته.
فبمقتضى القوانين العليا لأفريقيا الوسطى، فإنه يحظر على جميع الشخصيات التي تقلّدت مسؤوليات خلال المرحلة الانتقالية الحالية، الترشّح للانتخابات الرئاسية القادمة، ما يعني، آليا، أنّ الرئيسة الانتقالية، كاترين سامبا بانزا، لن تدخل السباق الانتخابي وستتخلّى عن منصبها، لصالح واحد من بين المرشّحين الـ 30 (بينهم مسلمان)، ممّن ستفرزه صناديق الاقتراع. كما من المنتظر أن يتقلّد الرئيس المستقبلي لأفريقيا الوسطى مهامه لولاية تمتدّ لـ 5 سنوات، وذلك إثر حصوله على التأييد الشعبي، ضمن اقتراع حرّ ومباشر، واعتمادا على نظام الجولتين القائم على فوز المرشّح الذي سيحصد أغلبية الأصوات.
ويعتبر فائزا في الانتخابات بشكل مباشر في الجولة الأولى، كل مرشح يحصل على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين. وفي حال عدم فوز أي متسابق بتلك الأغلبية، تنحصر المنافسة بين المرشحين الاثنين الحاصلين على أعلى الأصوات، وذلك ضمن جولة ثانية، أو جولة الإعادة المحتملة، والمقرر لها يوم 31 يناير/كانون الثاني 2016، بالتوازي مع الدور الثاني من الانتخابات البرلمانية.
ودعي مليون و361 ألف و871 ناخب في أفريقيا الوسطى، للإدلاء بأصواتهم، الأحد القادم، وفقا لمرسوم صدر، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن مؤسسة الرئاسة في البلاد.
وينصّ الفصل 25 من الدستور الجديد لأفريقيا الوسطى، على أنّ "المحكمة الدستورية تصادق على النتائج، بعد 15 يوما، على أقصى تقدير، من تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية، في حين ستنتظم مراسم تنصيب الرئيس الجديد المنتخب، في غضون 45 يوما على أقصى تقدير، أي عقب انتهاء المحكمة الدستورية من النظر في الطعون المقدمة" بخصوص نتائج الإقتراع.
ويتنافس على دخول قصر الرئاسة في بانغي 30 مرشّحا، بينهم اثنين من المسلمين، وهما عبد الكريم ميكاسوا وبلال كولينغبا ديزيريه، فيما يرى بعض المراقبين أنّ مارتن زيغيلي، رئيس الوزراء الأسبق والذي يترأس حزب "حركة تحرير شعب أفريقيا الوسطى" وكذلك أنيسات دولوغيلي، رئيس "الاتحاد من أجل تجديد إفريقيا الوسطى"، إضافة إلى سيلفان باتاسيه نجل رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى الأسبق "آنج فيليكس باتاسيه" (1993- 2003)، من المرشّحين الأوفر حظّا لنيل أعلى منصب في البلاد.
منافسة على أشدّها، وتشمل، علاوة على ما تقدّم، المرشّحان المسلمان، في بلد لا يتجاوز فيه المسلمون الـ 10 % (أقلية) واللذان ينزلان بثقل انتخابي مستمدّ من عامل الخبرة والحنكة والأهداف المرسومة. وأبرزهما المرشح المستقل، عبد الكريم ميكاسوا، الدي يخوض السباق الرئاسي بأوفر الحظوظ، معتمدا على مسيرة مهنية وخبرة في الإدارة وتقلّد المسؤوليات (حتى الوزارية منها)، ما يمنحه خبرة واسعة تؤهّله لنيل ثقة السكان على اختلاف انتماءاتهم الدينية والعرقية، سيّما وأنه يقدّم نفسه مرشّحا لـ "الوحدة" بعيدا عن جميع التجاذبات الأخرى.
أما بالنسبة لديزيريه، وهو رئيس حزب "التجمع الديمقراطي في أفريقيا الوسطى"، والذي يعتبر من أبرز التشكيلات السياسية في البلاد، فقد تقلّد بدوره مناصب هامة في الدولة، وفي رصيده خبرة طويلة تمنحه تأشيرة العبور بيسر نحو القصر الرئاسي، في حال حظي بدعم شعبي واسع.
وعلى صعيد آخر، يخشى بعض المراقبين من "التهديدات الأمنية" التي تحفّ بالعملية الانتخابية المنتظرة، والتي تعتبر التحدّي الأبرز في سياق مشحون بالتوتّر وبتجدّد أعمال العنف في العاصمة بانغي. مخاوف لا تنفي الجهود التي تبذلها السلطات الانتقالية من أجل تأمين سير الاقتراع.
وجرت آخر انتخابات رئاسية بأفريقيا الوسطى، في 2011، وفاز بها، منذ الدور الأول، الرئيس الأسبق "فرانسوا بوزيزيه"، إثر حصوله على 64 %من الأصوات، وسط استنكار المعارضة في البلاد، والتي تحدّثت، في حينه، عن وقوع العديد من التجاوزات.
عامان إثر ذلك، وتحديدا، في 2013، أطاح مسلحو تحالف "سيليكا"، بالرئيس بوزيزيه، إثر انقلاب فتح أبواب القصر الرئاسي على مصراعيه أمام ميشيل دجوتوديا، رئيسا مؤقتا للبلاد. غير أنّ الأزمة السياسية سرعان ما اتّخذت صبغة طائفية وضعت في المواجهة كلا من تحالف "سيليكا" وميليشيات "أنتي بالاكا"، لتغرق إفريقيا الوسطى، منذ ذلك الوقت، في أتون حرب طائفية دامية، أسفرت عن مقتل المئات وتشريد الآلاف من السكان.
المصدر : الأناضول