خص رئيس الحزب الأستاذ محمد جميل منصور موقع السراج الإخباري بمقابلة شاملة تناول مختلف القضايا الوطنية و مواقف حزب تواصل منها . و هذا نص المقابلة : السراج : لنبدأ من تقييكم باختصار للأوضاع العامة للدولة الموريتانية الآن محمد جميل منصور : بعد الشكر لكم والدعاء لكم بالتوفيق في مساركم، أقول إنه لا يمكن الفصل بين الدولة وأوضاع اللاعبين الأساسيين وخصوصا في السلطة وجملة القول فإن أوضاع البلد بشكل عام غير مريحة، على مستوى المواطنة الحقيقية والسلم الأهلي لا يزال الشرخ موجودا والإشكالات قائمة والسياسات الرسمية رغم الدعايات التي صاحبتها لا تزال عاجزة عن تقديم حل يحد من الأزمة ويعمق الوحدة والمؤشرات كثيرة على أن الشرخ الاجتماعي قوي وأنه محتاج إلى علاج غير سياسي ولا مرحلي بل علاج شامل قائم على ترسيخ أواصر الأخوة وإقامة مجتمع العدل. السراج : وماذا عن الملفين الاقتصادي والسياسي؟ محمد جميل منصور : في الملف الاقتصادي لا يخفى الحديث المتزايد عن أزمة اقتصادية خانقة، وأضلاع مثلثها هي: 1- وضعية مالية في غاية الصعوبة يحس بها الناشطون في سوق المال والموردون والمتعاملون مع أجهزة الدولة بعموم 2- معظم المشاريع متوفقة، سواء تعلق الأمر بمشاريع الإنشاءات والمشاريع التنموية عموما إما بسبب صعوبة الوضع الاقتصادي أو الأخطاء التي واكتب تسييرها 3- الأخبار والتقارير والحديث المتواصل عن فساد كبير في قطاعات واسعة من الدولة الموريتانية، ولعل آخرها ما نشرته صحيفة "لموند" الفرنسية عن فساد واسع في شركة تازيازت وكل تلك التقارير والمؤشرات تظهر أن أوساطا قريبة من الرئيس ومرتبطة به هي المسؤولية عما تعيشه تلك المؤسسة من فساد ومحسوبية. السراج : بهذا المعنى تتهمون الرئيس بالفساد؟ محمد جميل منصور : نحن نتهم النظام ومحيطه المقرب منه، والمعلومات المتوفرة تشير و بشكل واضح من خلال الأسماء والمعلومات إلى محيط الرئيس ومحيط الرئيس منه. السراج : لكن لماذا تعزلون الرئيس عن دائرة الاتهام، هل الرئيس متهم عندكم أم لا؟ محمد جميل منصور : لا نعزل الرئيس عن محيطه، ومحيطه منه وينال حمايته لكننا لا نشخصن الأمور كثيرا، ونعتقد أن النظام بالجملة في دائرة الاتهام خصوصا أننا في بلد لا يمكن لأي إدارة ولا مسؤول الإقدام على أي قرار دون أمر مسبق من رأس النظام وفي أحسن الأحوال بدون إذن منه. السراج : وماذا عن الملف السياسي والحوار؟ محمد جميل منصور : لا تزال الأزمة شديدة جدا وكل المحاولات السابقة لم تخرج البلد من أزمته، وفاقم من ذلك إقدام النظام على هذا الحوار المهزلة، الذي لم يقنع أصحابه والمشرفين عليه فسموه جلسات تمهيدية. وفي الفترة الأخيرة بدأت بعض الاتصالات من السلطة بالمنتدى وهو ما يؤكد فشل السلطة في مسارها الأحادي الذي كانت تسير فيه وأن ما كان يقوله المنتدى هو الأساس الصحيح للحوار ونحن في المعارضة نتعامل مع تلك الاتصالات بحذر ونراقب ونحلل لنرى هل ستضيف هذه الاتصالات جديدا أم ستكون كسابقتها. والأحزاب السياسية في المنتدى بل ومختلف أقطابه يرون أن الحوار بديل طبيعي عن الاحتمالات الأخرى التي قد تودي بالبلد إلى مسارات كارثية. لكن هذا الحوار لا ينبغي أن يكون متعجلا ولا مبتسرا، بل حوار وطني بين متخالفين حول قضايا مختلف عليها سعيا إلى الوصول إلى حل نهائي للأزمة المتفاقمة. السراج : تطرحون شروطا يراها النظام نتائج للحوار يجب أن تكون بعده لا قبله محمد جميل منصور : المعارضة لم تقدم شروطا بل طلبت ممهدات للثقة ورأيا لاستعادة الثقة وله أن يقدم رأيه أيضا لنبني بذلك جسر ثقة، وهو ما لا يتوفر الآن بيننا وبين النظام. السراج : هل توجد بين المعارضة جسر ثقة؟ محمد جميل منصور : الأهم أن المعارضة تناقش وتتفق على خلاصات توافقية، أما أن بين الأحزاب آراء متعددة وربما داخل كل حزب آراء متخالفة فهذا طبيعي لكن الضابط الأساسي هو النقاش والوصول إلى رأي توافقي. السراج : ثمة أحزاب ترفض الحوار مطلقا مع النظام، وأخرى تطالب بجسور ثقة؟ محمد جميل منصور : المعارضة اتفقت على وثيقة للحوار قدمتها للنظام والرأي العام، وتنتظر رد النظام ومؤشراته لتناقش وإذا رأت أن المؤشرات تؤكد جدية النظام فكل أحزاب المنتدى مستعدة للانتقال إلى مرحلة الحوار العلني والرسمي، وهذا موقف إجماعي بين المعارضة الآن. السراج : برأيك مالذي يدفع النظام الآن إلى الحوار؟ محمد جميل منصور : لسنا مشتركين في التحليل، إذ لا يظهر من النظام اندفاع نحو الحوار توجد محاولة لكسب الوقت ومحاولة لتفريق المعارضة، يوجد سعي إلى إقامة "كرنفال" لن تكون المعارضة جزء من حفلته الاستعراضية. السراج : ثمة حديث عن سجناء حقوقيين.. بالفعل يوجد سجناء رأي عبروا عن رأيهم بطريقة سلمية حضارية، ولذلك نعتقد أن اعتقال برام ولد الداه ولد اعبيدي وابراهيم ولد بلال خطأ، ولا ينبغي أن يتم الاعتذار باستقلال القضاء، فالمسألة ليست في القضاء ولكن في الاستغلال السياسي للقضاء، وهي أبرز سمة للنظام الحالي، فإطلاق سراح هذين الحقوقيين مطلب لنا وللمعارضة الديمقراطية ولحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية. وللأزمة العرقية أوجه أخرى على المستوى الاجتماعي والعرقي، وتحتاج رؤية جديدة للعلاج وقد قدمنا في حزب تواصل رؤية مكتوبة للعلاج ونعتقد أن المجتمع يحتاج علاجا وحدويا شاملا خصوصا أن هذا البلد حباه الله بأساس متين لذلك وهو الدين الإسلامي الجامع لمختلف مكوناته. السراج : تعلنون في بعض الأحيان عن توبة واستغفار عن مسار الربيع الذي نشط حزبكم فيه قبل سنتين أو تزيد، هل ثمة إجراءت عملية لتحويل هذا الاستغفار إلى قرارات ومواقف؟ محمد جميل منصور : للأسف يتعامل البعض مع التصريحات بمستوى من الإثارة، لا يدقق بالمعايير المهنية في التصريحات، وقد وردت عبارة الاستغفار ضمن محاضرة في مراكش وتعليقا على عبارة مشهورة لابن الجوزي رحمه الله أوردها دائما في مقام المتابعة والتقييم. وعليه فليس الاستغفار بالمعنى الديني الذي يعني أن ذنبا اقترف بل هو دعوة للتقويم. السراج : إذا هذا مصطلح جديد تبدعونه وهو الاستغفار السياسي؟ محمد جميل منصور : هذا تقييم سياسي لا أكثر وقد أصبح اتجاها عاما لدى المعارضة قوامه أن الشروط الموضوعية للرحيل حينها لم تكتمل وكان في مسارها شيئ من الاستعجال والقياس مع الفارق، وأن على المعارضة أن تكون في مواقفها ومساراتها مراعية للسياقات المحلية واشتراطات الوحدة الوطنية وكذا مراعاة سياق المنطقة التي نحن فيها، ليكون التغيير هادئا مراعيا لعوامل الوحدة الوطنية وسياقات التغيير الهادئ المؤثر، فتكون بذلك المعارضة قوية في مواقفها وخطابها مرنة في مساراتها.. السراج : كنتم في مرحلة ترحيل النظام ومنها إلى ترحيل نوابه وعمده والآن في أي مرحلة من الترحيل أنتم؟ محمد جميل منصور : الرحيل كان شعارا عاما لمنسقية المعارضة، وكان معبرا عن كل أطياف المؤسسة وكان موقفا سياسيا يتأثر بالظروف التي جاء فيها، وكان ترحيل النواب والعمد تعديلا في الرؤية وانتقالا من الطرح الراديكالي إلى طرح آخر يوظف الهامش الموجود من الحرية والديمقراطية، فهو إذا تعديل في درجات المقاربة لا أكثر. السراج : والآن كيف تصنفون موقعكم؟ محمد جميل منصور : نحن الآن حزب معارض وفي أهم تحالف للمعارضة وهو المنتدى الوطني للديمقراطية. السراج : بشيئ من التحليل وليس المواقف كيف ترون تعامل المعارضة إذا قرر النظام حل المجالس البلدية والنيابية؟ محمد جميل منصور : من الصعب على السياسي تقديم تصور عن كل احتمال مرتقب أو مفترض، وخصوصا إذا كان الأمر غير مطروح على طاولة النقاش، فجدول الأعمال الآن هو معارضة قوية ومتماسكة ساعية إلى إفشال المسار الأحادي، والمعارضة اليوم بما يتوفر لها من فرص وانسجام وإمكانية التوافق ومؤشر تماسك المعارضة أقوى من أي مرحلة سابقا. السراج : إن المصائب تجمع المصابين، برأيك أليس هذا الانسجام ناتجا عن انعدام الفرص في الحوار الجماعي أو الأحادي مع النظام ؟ محمد جميل منصور : ثمة فرص كثيرة للحوار مع النظام وفق رؤية النظام الأحادية، بل هو يستجدي من يتحاور معه، وفرص الحوار الشامل المؤدي للإصلاح لم تتوفر فرصه بعد. السراج : ثمة بقايا قليلة من المؤمنين بالربيع العربي هل تنتمون إليهم؟. محمد جميل منصور : ليسوا بقايا بل هم أغلبية كبيرة وواسعة، سواء سميناه ربيعا عربيا أو ربيعا ديمقراطيا، فهو ربيع إصلاحي وقع في أمة مطحونة أدى إلى تغييرات إيجابية قوية بعضها تعرض لنكسة والمؤمنون بالربيع العربي كثرة ويسعون للتقويم والمراجعة والاستغفار من الأخطاء. السراج : استغفارا سياسيا؟ محمد جميل منصور : استغفار بمعنى التقويم وتجديد الانطلاقة كما أسلفت، وهذا الربيع ارتفع بالأمة ارتفاعا كبيرا ثم واجه أطرافا قوية منها. أطراف محلية تجد في الربيع نهاية لعهد استبدادها ومصادرتها للأمة قرارات وهوية وخيارات، وقوى إقليمية تخاف أن يمتد الربيع إليها وجهات دولية مردت على أن تجعل العالم العربي والإسلامي في موقع التابع وفي مقام الذلة. وقد تضافرت كل تلك العوامل لتحقق انتكاسات في بعض البلدان، وسلاح الربيع العربي هو أمل الإنسان العربي في الحرية وإصراره على نيلها وحب الخير للناس وهو سلاح يواجه تلك الأقطاب الثلاثة المشار إليها آنفا، فطبيعي في هذا المقام أن تحصل انتكاسات وتقع عثرات. ولا يزهد المؤمنين بالربيع العربي وبقدرة الشعوب على إنهاء عصر الديكتاتوريات وبناء جسور الأمل وإطلاق مواكب التغيير الإيجابي أن وقعت انتكاسة هنا وهنالك فالمسار طويل على كل حال ومعالمه تترسخ بشكل تدريجي، وستكون أكثر عقلانية وأكثر موضوعية، وسيضيف في معالم الصراع ومقومات البناء. السراج : لنعد إلى تواصل ما موقفكم من إرسال جنود موريتانيين إلى اليمن؟ محمد جميل منصور : حزب تواصل أصدر بيانا واضحا أعلن فيه دعمه للتوافق اليمني الذي حصل حول الرئيس عبد ربه منصور هادي وواجه انقلابا خبيثا مثله تحالف الحوثي وعلي عبد الله صالح ونحن ندعم ذلك التوافق وندين الانقلاب الحوثي. إلى هذا الحد يصل موقف تواصل ولم نعلن بعد عن موقف من التطورات في هذا الملف سواء تعلق الأمر بعاصفة الحزم أو ما يقال عن إرسال جنود موريتانيين إلى اليمن وقد سمعنا تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي نفى فيه أي علم له بجنود موريتانيين متوجهين إلى اليمن، ولحد الآن لم نعلن عن موقف وسيكون الأمر دون شك إن حصل أو ثبت مجال نقاش من هيئات الحزب وسيكون لها فيه موقف معلن. السراج : من حيث المبدأ ما موقفكم من إرسال جنود موريتانيين إلى مناطق التوتر والحرب؟ محمد جميل منصور : ليس لنا من موقف لحد الآن إلا ما قلت في الإجابة السابقة. السراج : ماذا أنجز من توصيات مؤتمركم السابق؟ محمد جميل منصور : ندعوكم إلى حضور مؤتمر المجلس الوطني للحزب القادم وسترون ما أنجز من هذه التوصيات وبالجملة فقد تحقق الكثير من التوصيات سواء فيما يتعلق بالتكوين وإنجاز الوثائق الحزبية المحددة للرؤية والخطاب. السراج : هل يحتمل إحداث تعديلات في نظامكم الحزبي يمكن الرئيس من البقاء لمأمورية ثالثة؟ محمد جميل منصور : لا يجرأ أي شخص في تواصل على طرح هذا الرأي ومغادرة رئيس الحزب لمنصبه بعد مأموريته هذه بإذن الله تعالى قرار نهائي ونافذ بإذن الله وعونه. السراج شكرا لكم.