ﺩ . ﺧﺎﻟﺪ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ
« ﺍﻷﺩﺏ» .. ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗَﻌﺼِﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻣَﺖ ﺑﻪ ﻋﻤَّﺎ ﻳَﺸﻴﻨﻪ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﺑﻴﺪﻱ، ﺃﻭ ﻫﻮ
ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺭُﻋﻮﻧﺎﺗﻬﺎ، ﻭﺗﺠﻨُّﺐ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮُّﻋﻮﻧﺎﺕ، ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، ﻓﺎﻷﺩﺏ ﺭﻳﺎﺿﺔ
ﺍﻟﻨَّﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺟﻤﻴﻞ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ، ﻭﻋﺪَّﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ ﺃﺣﺪ ﺃﺭﺑﻌﺔ
ﺃﻣﻮﺭ ﺑﻬﺎ ﻳﺴﻮﺩ ﺍﻟﻌﺒﺪ، ﻭﻫﻲ : "ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺍﻷﺩﺏ، ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ، ﻭﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ." ﺑﻞ ﻻ ﻳﺘﻢ ﻋﻘﻞ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺇﻻ
ﺑﺎﻷﺩﺏ، ﻓﻌﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ ﻗﺎﻝ : " ﺇﺫﺍ ﻋَﻘَﻠَﻚَ ﻋﻘﻠُﻚ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻓﺄﻧﺖ ﻋﺎﻗﻞ ."
ﻓﺎﻷﺩﺏ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮ، ﻭﺷﺮﻑ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻭﻣﺠﺎﻝ .. ﻗﺎﻝ ﺷﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺷﻴﺒﺔ :
" ﺍﻃﻠﺒﻮﺍ ﺍﻷﺩﺏ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻭﺩﻟﻴﻞ ﺍﻟﻤﺮﻭﺀﺓ، ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ، ﻭﻣﺆﻧﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺣﺸﺔ،
ﻭﺣﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ، ﻭﻳﺠﻤﻊ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ." ﻭﻋﻦ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﺍﻟﺨﺰﺍﻋﻲ ﻗﺎﻝ : ﺳﻤﻌﺖ
ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻳﻘﻮﻝ : "ﻣﺎ ﺗﻢّ ﺩﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﻗﻂ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ ﻋﻘﻠﻪ ."
ﺇﺫﺍ ﺗﻢ ﻋﻘﻞ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺗﻤﺖ ﺃﻣﻮﺭﻩ ﻭﺗﻤﺖ ﺃﻳﺎﺩﻳﻪ ﻭﺗﻢ ﺛﻨﺎﺅﻩ
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺭﺯﻳﻦ ﻗﺎﻝ : ﻗﻴﻞ ﻟﻠﻌﺒﺎﺱ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ :- ﺃﻧﺖ ﺃﻛﺒﺮُ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ - ؟ ﻗﺎﻝ : " ﻫﻮ ﺃﻛﺒﺮ، ﻭﺃﻧﺎ ﻭﻟﺪﺕُ ﻗﺒﻠﻪ ."
ﻭﻟﻤﺎ ﻗﺪﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻧﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﺃﻳﻮﺏ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻨﻪ -، ﻓﻨﺰﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺍﻟﺴﻔﻞ، ﻭﻧﺰﻝ ﺃﺑﻮ ﺃﻳﻮﺏ ﺍﻟﻌﻠﻮ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻣﺴﻰ،
ﻭﺑﺎﺕ؛ ﺟﻌﻞ ﺃﺑﻮ ﺃﻳﻮﺏ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﺑﻴﺖٍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃﺳﻔﻞ
ﻣﻨﻪ، ﻭﻫﻮ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺣﻲ، ﻓﺠﻌﻞ ﺃﺑﻮ ﺃﻳﻮﺏ ﻻ ﻳﻨﺎﻡ ﻳﺤﺎﺫﺭ ﺃﻥ ﻳﺘﻨﺎﺛﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ، ﻭﻳﺘﺤﺮﻙ
ﻓﻴﺆﺫﻳﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﻏﺪﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ! ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ
ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻤﻀًﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﻻ ﺃﻡ ﺃﻳﻮﺏ، ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻭﻣﻢ ﺫﺍﻙ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺃﻳﻮﺏ؟ ) ﻗﺎﻝ : ﺫﻛﺮﺕ ﺃﻧﻲ ﻋﻠﻰ
ﻇﻬﺮ ﺑﻴﺖٍ ﺃﻧﺖ ﺃﺳﻔﻞ ﻣﻨﻲ، ﻓﺄﺗﺤﺮﻙ، ﻓﻴﺘﻨﺎﺛﺮ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ، ﻭﻳﺆﺫﻳﻚ ﺗﺤﺮﻛﻲ، ﻭﺃﻧﺎ ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻴﻦ
ﺍﻟﻮﺣﻲ .
ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻳﻮﺏ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻗﺎﻝ : ﻟﻤﺎ ﻧﺰﻝ ﻋﻠﻲَّ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -
ﻗﻠﺖ : ﺑﺄﺑﻲ ﻭﺃﻣﻲ ﺇﻧﻲ ﺃﻛﺮﻩ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻓﻮﻗﻚ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺃﺳﻔﻞ ﻣﻨﻲ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ( ﺇﻥ ﺃﺭﻓﻖ ﺑﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴُّﻔﻞ ﻟﻤﺎ ﻳﻐﺸﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ )، ﻓﻠﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺟﺮَّﺓ ﻟﻨﺎ
ﺍﻧﻜﺴﺮﺕ، ﻓﺄﻫﺮﻳﻖ ﻣﺎﺅﻫﺎ، ﻓﻘﻤﺖ ﺃﻧﺎ ﻭﺃﻡ ﺃﻳﻮﺏ ﺑﻘﻄﻴﻔﺔ [ﻛﺴﺎﺀ ﻟﻪ ﺧﻤﻞ ] ﻟﻨﺎ، ﻭﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﻟﺤﺎﻑ
ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻧﻨﺸﻒ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓَﺮَﻗَﺎ [ ﺧﻮﻓﺎ ] ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -
ﻣﻨﺎ ﺷﻲﺀ ﻳﺆﺫﻳﻪ .
ﻭﻟﻤﺎ ﺃﺫﻧﺖ ﻗﺮﻳﺶ ﻟﻌﺜﻤﺎﻥ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻮﺍﻑ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ ﺣﻴﻦ ﻭﺟَّﻬﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺒﻴﺔ، ﺃﺑﻰ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ -، ﻭﻗﺎﻝ : " ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻷﻓﻌﻞ
ﺣﺘﻰ ﻳﻄﻮﻑ ﺑﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ."-
ﺍﻷﺩﺏ ﺧﻴﺮ ﻧﺴﺐ
ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ : ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻻ ﺑﺎﻷﺻﻞ ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﺳﺎﺀ ﺃﺩﺑﻪ ﺿﺎﻉ ﻧﺴﺒﻪ،
ﻭﻣﻦ ﺿﻞ ﻋﻘﻠﻪ ﺿﻞ ﺃﺻﻠﻪ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺯﻙِ ﻗﻠﺒﻚ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻛﻤﺎ ﺗﺰﻛﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﺎﻟﺤﻄﺐ، ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻷﺩﺏ
ﻳﺴﺘﺮ ﻗﺒﻴﺢ ﺍﻟﻨﺴﺐ .
ﺣﻜﻲ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻥ ﻓﺄﺣﺴﻦ، ﻓﻘﺎﻝ : ﺍﺑﻦ ﻣﻦ ﺃﻧﺖ؟ ﻗﺎﻝ : ﺍﺑﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻳﺎ
ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻗﺎﻝ : " ﻧِﻌﻢ ﺍﻟﻨﺴﺐ ﺍﻧﺘﺴﺒﺖ ﺇﻟﻴﻪ "، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﻴﻞ : ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﺜﺒﺖ ﻻ ﻣﻦ
ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺒﺖ، ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﻮﺟﺪ ﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﻮﻟﺪ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ : ﻣﻦ ﻛﺜﺮ ﺃﺩﺑﻪ ﻛﺜﺮ ﺷﺮﻓﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﺿﻴﻌﺎ، ﻭﺑﻌﺪ ﺻﻴﺘﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ
ﺧﺎﻣﻼ، ﻭﺳﺎﺩ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﺮﻳﺒﺎ، ﻭﻛﺜﺮﺕ ﺣﻮﺍﺋﺞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻘﻴﺮﺍ .
ﺣﺴﻦ ﺍﻷﺩﺏ
ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﺃﻥ ﻻ ﺗﻨﺎﺯﻉ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻚ، ﻭﻻ ﺗﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ، ﻭﻻ ﺗﺘﻌﺎﻃﻰ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻨﺎﻝ، ﻭﻻ
ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻟﺴﺎﻧﻚ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ، ﻭﻻ ﻗﻮﻟﻚ ﻓﻌﻠﻚ، ﻭﻻ ﺗﺪﻉ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﺫﺍ ﺃﻗﺒﻞ، ﻭﺗﻄﻠﺒﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺑﺮ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻘﻔﻊ : ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﺘﻘﻮﻯ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻮﺍﺳﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﻌﻢ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﺏ ﺑﺄﺣﻮﺝ ﻣﻨﺎ
ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻟﻘﺎﺡ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﺒﺔ ﺍﻟﻤﺪﻓﻮﻧﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺮﻯ ﻻ ﺗﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﻊ ﺯﻫﺮﺗﻬﺎ
ﻭﻧﻀﺎﺭﺗﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﺩﻋﻬﺎ .
ﺣﻜﻰ ﺍﻟﻤﺒﺮِّﺩ : " ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻥُ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻋﻦ ﺷﻲﺀٍ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻻ، ﻭﺟﻌﻠﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺪﺍﻙ ﻳﺎ
ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ . ﻓﻘﺎﻝ : ﻟﻠﻪ ﺩَﺭُّﻙ، ﻣﺎ ﻭُﺿِﻌَﺖْ ﻭﺍﻭٌ ﻗﻂُّ ﻭﺿﻌًﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻊ .
ﻭﻭﺻﻠﻪ ﻭﺣﻤﻠﻪ ."
ﻭﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻩ ﺣﺰﻣﺔ ﺧﻴﺰﺭﺍﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻮﺯﻳﺮﻩ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ : ﻣﺎ ﻫﺬﻩ؟
ﻓﻘﺎﻝ : ﻋﺮﻭﻕ ﺍﻟﺮﻣﺎﺡ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ . ﻭﻟﻢ ﻳُﺮِﺩْ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺨﻴﺰﺭﺍﻥ، ﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺘﻪ ﺍﺳﻢ ﺃُﻡِّ
ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ : " ﻭﺃﺩﺏ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻭﻓﻼﺣﻪ، ﻭﻗﻠﺔ ﺃﺩﺑﻪ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺷﻘﺎﻭﺗﻪ ﻭﺑﻮﺍﺭﻩ، ﻓﻤﺎ
ﺍﺳﺘﺠﻠﺐ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﺑﻤﺜﻞ ﺍﻷﺩﺏ، ﻭﻻ ﺍﺳﺘﺠﻠﺐ ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﺎ ﺑﻤﺜﻞ ﻗﻠﺔ ﺍﻷﺩﺏ، ﻓﺎﻧﻈﺮ
ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻴﻒ ﻧﺠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻣﻦ ﺣﺒﺲ ﺍﻟﻐﺎﺭ ﺣﻴﻦ ﺃﻃﺒﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ،
ﻭﺍﻹﺧﻼﻝ ﺑﻪ ﻣﻊ ﺍﻷﻡ ﺗﺄﻭﻳﻼ ﻭﺇﻗﺒﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻛﻴﻒ ﺍﻣﺘﺤﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﻬﺪﻡ ﺻﻮﻣﻌﺘﻪ
ﻭﺿﺮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻪ ﻭﺭﻣﻴﻪ ﺑﺎﻟﻔﺎﺣﺸﺔ . ﻭﺗﺄﻣﻞ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻛﻞ ﺷﻘﻲ ﻭﻣﻐﺘﺮ ﻭﻣﺪﺑﺮ ﻛﻴﻒ ﺗﺠﺪ ﻗﻠﺔ
ﺍﻷﺩﺏ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺎﻗﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ."
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺠﺎﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﻣﺜﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻛﻤﺜﻞ ﺑﻠﺪﺓ ﻟﻬﺎ ﺧﻤﺴﺔ ﺣﺼﻮﻥ : ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ،
ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻓﻀﺔ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ، ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻦ ﺁﺟﺮ، ﻭﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﻦ ﻟَﺒِﻦ، ﻓﻤﺎ ﺯﺍﻝ ﺃﻫﻞ
ﺍﻟﺤﺼﻦ ﻣﺘﻌﺎﻫﺪﻳﻦ ﺣﺼﻦ ﺍﻟﻠﺒﻦ، ﻻ ﻳﻄﻤﻊ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻫﻤﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ؛ ﻃﻤﻌﻮﺍ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﺼﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﺛﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺣﺘﻰ ﺗﺨﺮﺏ ﺍﻟﺤﺼﻮﻥ ﻛﻠﻬﺎ . ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﺔ ﺣﺼﻮﻥٍ :
ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ﺛﻢ ﺍﻹﺧﻼﺹ، ﺛﻢ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ، ﺛﻢ ﺍﻟﺴﻨﻦ، ﺛﻢ ﺣﻔﻆ ﺍﻵﺩﺍﺏ، ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻳﺤﻔﻆ
ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﻳﺘﻌﺎﻫﺪﻫﺎ؛ ﻓﺎﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻻ ﻳﻄﻤﻊ ﻓﻴﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﺗﺮﻙ ﺍﻵﺩﺍﺏ؛ ﻃﻤﻊ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻦ،
ﺛﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ، ﺛﻢ ﻓﻲ ﺍﻹﺧﻼﺹ، ﺛﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ."
ﺍﻷﺩﺏ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ
ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻨﺎﺭﺕ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺑﻤﺜﻞ ﺍﻷﺩﺏ، ﻭﻻ ﻓﺘﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻻ ﺑﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻨﻪ :- " ﺗﺄﺩّﺑﻮﺍ ﺛﻢ ﺗﻌﻠّﻤﻮﺍ " .. ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻷﻥ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻳﺼﻠﺢ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﺑﺎﻟﻌﻤﻞ
ﺗﻨﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺣﻨﻒ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ : ﺍﻷﺩﺏ ﻧﻮﺭُ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓ .
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ : " ﻻ ﻳﻨﺒﻞ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺰﻳﻦ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺎﻷﺩﺏ "
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺒﻠﺨﻲ : " ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ."
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﻛﺎﻧﻮﺍ [ ﺃﻱ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ] ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻬﺪﻱ [ﺃﻱ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻬﻴﺌﺔ
ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﺍﻟﺴَّﻤْﺖ ] ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ." ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻻﺑﻨﻪ : " ﻳﺎ ﺑﻨﻲ، ﻷﻥ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﺑﺎﺑًﺎ ﻣﻦ
ﺍﻷﺩﺏ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲَّ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺑﺎﺑًﺎ ﻣﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ."
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻴﺨﺮﺝ ﻓﻲ ﺃﺩﺏ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺴﻨﺘﻴﻦ ﺛﻢ
ﺍﻟﺴﻨﺘﻴﻦ ."
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﺗﻌﻠﻤﺖ ﺍﻷﺩﺏ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ، ﻭﺗﻌﻠﻤﺖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ."
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲَّ ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻪ؛ ﻷﻧﻬﺎ
ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﺃﺧﻼﻗﻬﻢ ."
ﺣﻜﻰ ﺍﺑﻦ ﺳﻼﻡ ﻗﺎﺋﻼ : ﻣﺪﺩﺕ ﺭﺟﻠﻲ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﺠﺎﺀﺗﻨﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻓﻘﺎﻟﺖ : ﺇﻧﻚ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻻ ﺗﺠﺎﻟﺴﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻭﺇﻻ ﻣﺤﺎ ﺍﺳﻤﻚ ﻣﻦ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﻘﺮﺏ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻤﺪﻭﺡ ﺑﻜﻞ ﻟﺴﺎﻥ، ﻭﻣﺘﺰَّﻳﻦ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ، ﻭﺑﺎﻕٍ
ﺫﻛﺮﻩ ﻣﺪﻯ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ، ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﻋﺎﺭ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻧﻈﺮﺓ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ؛ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺇﻟﻰ ﺗﺄﺩﻳﺐ
ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎﻝ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻫﻲ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ
ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﻓﺤﺴﺐ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺁﻟﺔ ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺗﺴﻴﺮﻫﺎ ﺍﻵﺩﺍﺏ .
ﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻭﺭﺙ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺑﻨﻴﻬﻢ ﺃﺩﺏ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺜﻨﺎﺀ
ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﺎﻧﻴﺮ ﻭﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺷﺪﺓ ﺃﻭ ﺭﺧﺎﺀ
ﺗﻠﻚ ﺗﻔﻨﻰ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻻ ﻳﻔﻨﻴﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ
إسلام ويب