السياق والدلالات
رغم الطابع الاستعجالي والأجندة الحادية لتحديد موعد الانتخابات البلدية والتشريعية 2018 ، ورغم سياسة تجفيف منابع التمويل الممارسة ضد قوى المعارضة بما في ذلك المماطلة في تسديد دعم الأحزاب السياسية المنصوص عليه قانونيا من طرف وزارة الداخلية، ورغم التهميش والإقصاء الممنهج لدرجة التخوين والاتهام بالإرهاب والتطرف لكل صوت مناوئ يحلم بالتغيير ويتطلع إلى صلاح.
فإن قوى المعارضة تمكنت من أن تسمع صوتها، وأن تكون رقما صعبا لا يمكن اختزاله في المشهد السياسي الوطني .
وفي دار النعيم على غرار بلديات نواكشوط تخوض لائحة التغيير الديمقراطي شوطا ثانيا أمام لائحة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ..فماذا عن دلالات نتائج الشوط الأول ومالدروس المستخلصة منها بما يسدد ويصوب ويعود بالنفع على نتائج الشوط الثاني.
التهجير الانتخابي
شهدت مكاتب التصويت بدار النعيم زيادة معتبرة مقارنة بانتخابات 2013 حيث وصل عددها حوالي 61 مكتبا وكانت الملاحظة الأبرز عدم الأخذ بمعايير واضحة بل هناك اتهامات بالمحاباة والانحياز لصالح "حزب ا الحاكم " وتقطيع المقاطعة وفق ما يخدم أجندة مرشحيه ولا أدل على ذلك من مركز دار السلام الذي يقع في منطقة نفوذ مرشح الاتحاد سجل فيه وحده أزيد من 3000صوت تم توزيعهم على سبعة مراكز وجاء معظمهم من خارج الدائرة الانتخابية.
تلك الممارسات المشبوهة والتي أكدتها معطيات النتائج حيث حصل الاتحاد في هذا المركز وحده على أزيد من 1000صوت أي أكثر من 30% من إجمالي النتائج التي حصل عليها الحزب الحاكم بالبلدية، ولم تتعد نتيجة الحزب حاجز 200صوت في مكتب واحد إلا في هذا المركز أي مركز دار السلام.
اللاغية والمركز الثالث
احتلت لائحة البطاقة اللاغية -إن صح التعبير -المركز الثالث وحصدت وفق نتائج اللجنة المستقلة 2684 صوت أي ما يمثل 15.6% من الأصوات المعبر عنها وهو ما يؤكد تعقد عملية التصويت والتي لم يعبأ الناخبون بما يكفي عليها لضمان عدم إلغاء أصواتهم في بطاقة اقتراع تضم 44 لائحة حزبية.
ولا شك أن هذا العدد الكبير من المترشحين لم يترك مجالا للحياد فلم تتعد الاصوات المحايدة 176 صوتا وفق النتائج المعلنة.
رهان التغيير
إن كان من الصعوبة بمكان الحكم على الخارطة الانتخابية ما قبل الشوط الأول فإن الأمر لم يعد كذلك بعد ظهور النتائج والتعرف على الثقل الانتخابي لكل حزب ورغم الاعتباطية في التقديرات فإن قوى المعارضة التقليدية لا زالت تحتفظ بقاعدة انتخابية لا بأس بها في البلدية كأحزاب التكتل والتحالف الذي توزعت حصته بين الصواب "إيرا" والمستقبل حيث حصدت هذه الاحزاب مجتمعة أزيد من 1700صوت في الشوط الأول.
ومع ذلك فإن أحد أحزب المعارضة الجديدة نوعا ما أحرز نتائج جيدة وهو حزب طليعة التغيير الديمقراطي وحصل على أزيد من 300صوت .
وصفوة القول إن قوى المعارضة تصدرت المشهد في الشوط الأول بدار النعيم لكن ذلك لا يعني التقليل من شأن النتائج التي حصلت عليها الأحزاب الأخرى المنضوية تحت لواء الأغلبية خاصة أحزاب الكرامة والرفاه والتجديد والوئام والشورى والتي لاشك أن الحزب الحاكم يراهن على ولائها وسيسعى لدعمها من أجل التعبئة والتصويت له في الشوط الثاني.
الأغلبية الصامتة
إن عقد التحالفات والعمل على وحدة قوى التغيير في الشوط الثاني يظل أمرا مطلوبا فهي أحوج ما تكون إلى لمّ شتاتها وتعبئة أنصارها وندبهم للتوجه إلى مكاتب الاقتراع لكن التحدي الأكبر يظل في التعاطي مع القاعدة العريضة من غير المصوتين في الشوط الأول أو من ألغيت أصواتهم حيث لم تتعد نسبة المشاركة 66.35% مما يعني وجود ما نسبته 33.64% من المسجلين البالغ عددهم 25902 لم يتوجهوا لمكاتب الاقتراع في الشوط الأول أي حوالي 8616 ناخبا.
ولاشك أن العمل ما بين الشوطين على هذه القاعدة العريضة من المقاطعين من شأنه أن يقلب قواعد اللعبة و أن يغير الموازين فأي من الفرقاء المتنافسين سيفوز بثقة هؤلاء المقاطعين ويحوز رضاهم فيقترعوا له في الشوط الثاني؟؟ خاصة وأن كلا الطرفين أدرك الحجم الحقيقي لحضوره في المقاطعة، ولم يخذله أنصاره في الشوط الأول!!
ذلك ما سيفصح عنه اقتراع 15 من سبتمبر الجاري.
بقلم : محمدن أجدود