رد عدد من الأدباء على الإساءة التي كررها الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال مؤتمره الأخير في حق الشعراء و كل خريجي كليات الآداب و العلوم الإنسانية معتبرا أن لا دور لهم في بناء الوطن بل هم عالة عليه.
و هكذا كبت الشاعر الأستاذ محمد ولد إدومو النص التالي:
تنحّ عن طرقات الشعر
.........................
حتى الذين بحرفِ الضادِ ما نطقوا
قالوا عن الشعر ما قالوا، وما صَدَقوا
تهكّمـوا، ولسـانُ الـشعـرِ مُنصـَلتٌ
والسـابقـون إلى الـعـوراءِ.. ما سَبَـقـوا
واضيعة الشعر، مصلوبٌ بمجلسهم
والجالسون إلى تــمـزيقه سُــبُــقُ
قـد بـات للـشعر نـقّـادٌ بلا أدبٍ
وبات للشعراءِ الـهـمُّ والـقـلقُ
إذا الخيال رمـى للأفْــقِ قـافيـة ً
وقام في الصلوات العقلُ والأفُقُ
فما يُفـيد أخُــو فَــهـمٍ مـغـلّـقــةٍ
أبوابُـه والمعانـِي فيه تَخـتـنق؟
تَـنَـحّ عن طرقاتِ الشعر يا ولدي
فــليــس ثمّـةَ إلا اللــُّـجُّ والغــرقُ
واذهب إلى حيثُ أموالٌ تجمّعها
وحيثُ تَهديك في تجميعك الطُّـرّق
قد يألف الدرهمُ المضروبُ صُرّتَكم
فلا يـمُـرّ عليها وهـــو منــطلِقُ
دَعِ المعانيَ، لا تـرحلْ لبُـغيَـتِـها
ماذا يـزيدك معنىً أيها الحَــذِقُ؟
إن المـعـاني عَـصيّـاتٌ معفّــفــفةٌ
والشعر عنها لأهل الشعر ينـفـتـقُ
فلسـتَ يا ولــدي كـفْـؤا فتخطبها
وليس تأتي بها الأموالُ والشققُ
قد تركب الشعبَ، قد تُزري بجوهره
وقد تُـرى ثروةُ الأجـيـال تنسرقُ
لكن للشـعر رباً ســوف ينــصره
وألـفُ ألـفِ لسانٍ سوف تنطلقُ
26/3/2017
يَنْضو رئيسُ بلادِ الشِّعرِ سَاتِرَها
عَنْها.. وكانَتْ بِنُورِ الحَرْفِ تَأتَلِقُ
يَقُولُ في الشعرِ - هَجَّاءً لمَنْبِتِهِ -
"ما لم يقلْ مالِكٌ في الخمرِ".. يَخْتَلِقُ
يا سَيِّدي.. أُفُقُ الأشعارِ مُتَّسِعٌ
وأفْقُكَ الضَّيِّقُ، الحَدِّيُّ، مُنغلِقُ
لا تَقْفُ في شَطَطٍ ما لَسْتَ تَعْلمُهُ
ضِدَّانِ :ناشِئَةُ الإشْراقِ والنَّفَقُ
للشعرِ عرشٌ وأربابٌ وألْوِيةٌ
مِنَ المجازِ.. ونُسَّاكٌ له اعْتَنقوا
كُنْ رَبَّ صَمْتِكَ تَسْلَمْ.. قَيْدَ قافِيةٍ
الشِّعرُ يُحْرِقُ أحيانا ويَحْترقُ
وابْحثْ لنفسِكَ عن عُذْرٍ تَلوذُ بِه ِ
عَنْ مَخْبَئٍ تَسْتَحِي مِنْ وَصْلِهِ الطرق
عنْ قَشَّةٍ هشَّةٍ قدْ خِلتَها جَبَلاً
لا عاصمَ اليومَ... أبْشِرْ إنَّهُ الغَرَقُ
واخْصفْ عليكَ مِنَ الأوراقِ "أخْضَرَها"
وهلْ يُغَطِّي على سوْءاتِكَ الوَرَقُ؟!!
الباهيه
25 مارس 2017
الشاعر الدكتور مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان كتب قصيدة بعنوان تنح عن طرقات الشعر كما طالب الشعراء بكتابة معلقة للرد على ولد عبد العزيز، و هذا نص قصيدة الدكتور مولاي عبد الله:
اﻷديب : ادي/ آدب
في الهجمة الأولى للرئيس في مؤتمره ليلة البارحة، زعزع توزان محاوريه من الصحافة، حيث لم يعودوا-منذ البداية- يعرفون بأي لغة يخاطبونه، عبر "حوار الطرشان" ذلك، ثم سقطت هيبة الدستور، وشرعية تصويت البرلمان، "لليدين وللفم"، إذ لا يمكن - في الدسترة الرئاسية المزاجية الجديدة- أن تلغي أصوات 33 شيخا أصوات أكثرية البرلمان، وعلى مقربة من هنا، تَجَنْدَلَتْ -على الأرض- صفة" المليون شاعر"، أسطورتنا الجميلة، بقذيفة موصومة بـ: "الشعر وما شابه"، وتردَّت اللغة العربية، من صرْح عرشها المُمَرَّد، ملْء "بلاد شنقيط/ المنارة والرباط"، منتحرة على أسوار عقَبَة "تنتشلون"، منتهكة الشرعية، والمشروعية، بمقولة الرئيس الطافحة بـ "البَرَاء" من العربية، و"الولاء" لغيرها، حين سأل متهكِّما: عن معنى كلمة "ما تسمُّونه أنتم أهل العربية"؟، دون أن نعرف : رئيسنا من أهل ماذا؟
وقد خرَّت "العلوم الإنسانية"، صريعة بشظايا الخطاب الرئاسي، انتصارا لــ "العلوم
الحيوانية"، حيث لا توجد- في نظري- علوم غير "إنسانية"، إلا إذا كانت من ابتكار " الحيوانات" أو "الجِنِّ"... وإن "العلوم الطبيعية"- كما تسمَّى تجوُّزا- لتفقد كل قيمتها، عندما تفقد" إنسانيتها"، زدْ على كل ذلك أن الدول الغربية الأرقى في نظركم، لا تفتخر بعباقرة علومها الفيزيائية، والكيميائية.... الموسومة بـ "الطبيعية"، وإنما تزهو وتتيه بشعرائها، وأدبائها، وفلاسفتها...، وتختزل كل هويتها في التماهي بهؤلاء، فلغة الشعب الفرنسي، تسمى "لغة موليير"، والشعب الإنجليزي، يسمي لغته" لغة شكسيبر"، و"سرفانتس" هو رمز الثقافة الإسبانية.... فبمن يمكن لموريتانيا، أن تفتخر، إن لم تعتز بأدبائها وشعرائها وعلمائها، عبر التاريخ؟! وإذا لم ترسِّخْ وجودها في الذاكرة الجمعية من خلال الشعر، واللغة العربية الفصحى، فمتى تفرض نفسها عالميا، عبر تألقها في "العلوم الطبيعية"، في ظل تعليم اعترف حتى الرئيس، الذي ليس من "أهل العربية"، بأنه مازال "فاسدا" وليس وحده في ذلك طبعا؟!
وعلى كل حال يبقى التفريق هنا بين " العلوم الإنسانية" وغيرها، لا يكاد يختلف عن التفريق الذي ابتكره الرئيس ليلة البارحة، بين الجيش والعسكر، معطيا للأول معنى إيجابيا، وللثاني آخر سلبيا.... مبدلا "ثاء" ثكناته "سينا"، لتصبح "سكنات"، وليته "سكنَ" فيها، ولم يتسلل منها إلى كرسي الحكم السياسي، عبر" الانقلاب المستمر"، حتى اليوم.. على الدستور..
ولست أرى داعيا للإطالة في تتبع التشوهات اللفظية والمعنوية، التي ألحقها-كذلك- هذا المؤتمر الرئاسي بـ "المعاردة" وأخواتها.
غير أني -في الختام- أهمس في أذن الشعراء، والأدباء، والفلاسفة.. الملحقين في ديوان الرئاسة: أين أنتم من هذه الخطابات الرئاسية المدمنة للإساءة إلى العربية، والشعر، والعلوم الإنسانية؟ كيف يتكرر ذلك وأنتم "مستشارون" شاهدون؟ ..
أخبروني بأي صفة عينتم هناك؟ إذا كنتم عينتم بصفتكم كيمياتئين، وفيزيائيين، وخبراء ذرة، فلا تثريب عليكم أبدا.. يغفر الله لنا ولكم.
ادي آدب