الفشل الممنهج/ أحمد ولد الشيخ

أربعاء, 05/07/2017 - 14:45

فوجئ سكان نواكشوط، أو على الأقل ساكنة حي تفرغ زينة الراقي، خلال الليلة التالية للعيد، بمتنزه خاص نوعا ما. فعلى متن سيارة سريعة (من تلك التي منحتها قطر بسخاء لبلادنا بمناسبة القمة العربية!)، كان ولد عبد العزيز يسير على طول الشوارع في تلك الليلة، رفقه السيدة حرمه، وعلى وجه الخصوص عبر شوارع هذا الحي الجميل (لا ينبغي أن نبالغ)، ويتبادل التحية مع الأشخاص القلائل الذين ما زالوا يؤمنون بفضائل التصحيح ويتوقف عند إشارات المرور الحمراء، مثل أي مواطن صالح. وفي لحظة مفاجئة من الكرم، أعطى ورقة نقدية من فئة 5000 أوقية لأحد المتسولين. تم تصوير المشهد وتداولته شبكات التواصل الاجتماعي. رأى أنصاره في ذلك أنه رئيس “إنساني طبيعي وحساس تجاه معاناة مواطنيه”. ومع ذلك فلا داعي للتباهي. فلو أنجز ربع ما وعدنا به لما رأى رجلا ولا امرأة تخليا عن كل كبرياء للحصول على ورقة نقد بدونها يموت أطفالهما جوعا. لو لم يطرد شركة بيزورنو بسبب مشكلة شخصية ويمنح خدمة إزالة القمامة لشركات وهمية لأسباب سياسية لما سقطت نواكشوط تحت جبال القمامة. هل رأى بأم عينيه اللامبالاة التي أصبحت طريقة تسيير للعاصمة التي تشكل واجهة للبلاد؟ هل رأى البضائع المعروضة على الأرصفة والشوارع والتي لم تترك لأصحاب السيارات سوى شريط من الطريق يتسللون عبره؟ لماذا لم يتصرف عندها؟

صحيح أن نواكشوط تعكس صورة البلاد: مسيرة بشكل سيء ووسخة وغير منظمة. فلو كانت موارد الطبيعية مسيرة بشكل جيد لاختفى الفقر والبطالة منذ زمن بعيد. أليس من الدلالة أن يكون التقرير الأخير للمعهد الوطني لحكامة الموارد (NRGI) الذي يقيس مؤشر حكامة الموارد الطبيعية في 81 بلدا قد صنف موريتانيا في فئة الدول التي توصف حكامتها بأنها “فاشلة” على غرار زيمبابوي أو إريتريا؟

أين هي أرباح الحديد والذهب والنحاس والسمك؟ إلى أين ذهبت 4 مليارات دولار التي اقترضناها لدى الممولين؟ لو كان قد منح نفس الفرص للجميع ولم يقص البعض ويحاصر شركاتهم لما بلغت البطالة مثل هذه النسب. لو كان كل المال الذي حصلنا عليه قد خصص بالفعل للتنمية لتجهزت البلاد بالبنية التحتية الجديرة بهذا الاسم. لو كان التخطيط مطبقا لما احتجنا إلى هدم طرقنا لإعادة بنائها من جديد. لو كان قد منح منذ وصوله، قبل 9 سنوات، قليلا من الأهمية للتعليم لدرس “الجيل العزيزي” في الإعدادية الآن ولخرج من جزيرة المستويات المنحطة. ولو لم تسد الروح المركنتيلية في عهده لما تحولت جميع واجهات المنازل إلى محلات تجارية ولما بيعت المدارس لتصبح أسواقا. إن التصحيح في اللغة العزيزية مرادف بالفعل لمنهجة الفشل.